أسرة عربية باعت بلدها لإسرائيل.. وانتهى بها الحال في مراحيض تل أبيب


عرض عليه ضابط المخابرات الاسرائيلي “نعيم ليشع” إعطاءه مبلغا من المال في مقابل إرسال أسعار الخضراوات والفواكه في القاهرة إلى شقيقه، الذي كان يمتلك مكتبا للتصدير والاستيراد في لندن، ثم أخذ الأمر يتطوّر بعد أن أثبت “إبراهيم شاهين” ابن مدينة العريش قدرته على الخيانة لأبعد الحدود، حتى أنه نجح في تجنيد زوجته “انشراح” للعمل معه.

بئر الخيانة

تعمّق “إبراهيم” وزوجته سويا في بئر الخيانة، وحتى تتأكد إسرائيل من ولائه التام لها طلبت من “إبراهيم” وزوجته السفر إلى بئر سبع بجوازي سفر إسرائيليين باسم “موسى عمر” وزوجته “دينا عمر”؛ ليتمّ عرضهما لاختبار جهاز كشف الكذب، والذي نجحا فيه بجدارة، فما كان من الإسرائيليين إلا أن قاموا بإعطائهما دورات تدريبية متقدّمة في أعمال التصوير؛ لتصوير المنشآت والأسلحة العسكرية المصرية.

وعاد “إبراهيم” و”إنشراح” إلى مصر و”إبراهيم” يحمل رتبة مقدّم في جيش الدفاع الإسرائيلي، وزوجته رتبة ملازم أول، مع زيادة أجرهما الشهري إلى ما يعادل 300 دولار، كمكافأة لهما على خيانتهما لوطنهما، وتجنيدهما جميع أولادهما للعمل لصالح إسرائيل.

مع وعد من المخابرات الإسرائيلية بمبلغ مليون دولار كمكافأة في حالة توقّعهما لميعاد الحرب، وكان كل المطلوب منهما في هذه الحالة هو رسالة شفرية من كلمتين “يوم ……”. إلا أنه وعلى الرغم من كفاءتهما حققا فشلا ذريعا في التنبؤ بميعاد الحرب.

فشل ذريع

وفي بداية عام 1974 سافر “إبراهيم” إلى تل أبيب، وحضر اجتماعا خاصا على مستوى عالٍ مع قيادات المخابرات الإسرائيلية الجديدة، بعد أن أطاحت حرب أكتوبر بالقيادات السابقة.

وخضع “إبراهيم” للاستجواب حول عدم تمكّنه من معرفة ميعاد الحرب، وأجاب “إبراهيم” بأنه لم يلحظ شيئا غير عادي، وأنه حتى لو كان يعلم بالميعاد فليس لديه أجهزة حديثة لإرسال مثل تلك المعلومات المهمة.

فقررت المخابرات الإسرائيلية تطوير إمكانيات عميلها، من خلال منحه جهاز إرسال متطوّر ثمنه 200 ألف دولار، وهو أحدث جهاز إرسال في العالم.

وخشية تعرض “إبراهيم” للكشف أثناء دخوله بالجهاز إلى مصر قامت المخابرات الإسرائيلية بإيصال الجهاز المتطوّر بنفسها إلى مصر، وقامت زوجته بالحصول على الجهاز من المكان المتّفق عليه.

وبمجرد وصول “إبراهيم” إلى القاهرة أعدا رسالة تجريبية، ولكنهما اكتشفا عطلا في مفتاح الجهاز، وبعد فشل “إبراهيم” في إصلاحه توجّهت “إنشراح” إلى تلّ أبيب؛ للحصول على مفتاح جديد.

لم يدُرْ بخلد الجاسوسين أن المخابرات المصرية التقطت رسالة لهما عبر جهاز روسي حديث يسمى “صائد الموجات”، وذلك أثناء تجربتهما للجهاز الجديد.

وأيقن رجال المخابرات المصرية أنهم بصدد الإمساك بصيد جديد، وتمّ وضع منزل “إبراهيم” تحت المراقبة.

وتمّ اعتقال “إبراهيم” صباح 5 أغسطس 1974 مع ولديه، وتمّ إلقاء القبض على “إنشراح” بمجرد صولها من تل أبيب، حيث استقبلتها المخابرات المصرية، وزُجّ بهم جميعا إلى السجن.

صفعة مصرية

وكانت المخابرات الإسرائيلية قد بثّت رسائل بعد عودة “إنشراح” من إسرائيل، واستقبلها رجال المخابرات المصرية على الجهاز الإسرائيلي بعد أن ركّبوا المفاتيح، ووصل الردّ من مصر.

“إن المقدّم “إبراهيم شاهين” والملازم أول “إنشراح” سقطا في أيدينا.. ونشكركم على إرسال المفاتيح الخاصة بالجهاز.. كنا في انتظار وصولها منذ تسلّم “إبراهيم” جهازكم المتطور.

تحياتنا إلى السيد “إيلي زئيرا” مدير مخابراتكم”.

جزاء الخونة

وتمّت محاكمة الخونة بتهمة التجسّس لصالح إسرائيل، وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام “إبراهيم” و”إنشراح”، بينما حكم على ابنهما الأكبر “نبيل” بالأشغال الشاقة، وأودع الولدان “محمد” و”عادل” بإصلاحية الأحداث؛ نظرا لصغر سنهما، ونفّذ حكم الإعدام في “إبراهيم شاهين” شنقا، بينما تمّ الإفراج عن “إنشراح” وابنها بعد ثلاث سنوات من السجن في عملية تبادل للأسرى مع بعض أبطال حرب أكتوبر.

وقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت عام 1989 موضوعا عن “إنشراح” وأولادها قالت فيه: إن “إنشراح شاهين” (دينا بن دافييد) تقيم الآن مع اثنين من أبنائها بوسط إسرائيل، وهما “محمد” و”عادل” بعد أن اتخذت لهما اسمين عبريين هي “حاييم” و”رافي”، أما الابن الأكبر “نبيل” فقد غيّر اسمه إلى “يوشي”.

وتقول الصحيفة إن “دينا” تعمل عاملة في دورة مياه للسيدات في مدينة حيفا، وفي أوقات الفراغ تحلم بالعودة للعمل كجاسوسة لإسرائيل في مصر! بينما يعمل ابنها “حاييم” كحارس ليلي بأحد المصانع، أما الابن الأكبر فلم يحتمل الحياة في إسرائيل، وهاجر هو وزوجته اليهودية إلى كندا؛ حيث يعمل هو وزوجته بمحلّ لغسل وتنظيف الملابس.

وربما لم تتوقّع كل هذه الأسرة أن تنتهي الأمور إلى دورة مياه سيدات، وغيرها من تلك الأعمال المهينة داخل إسرائيل التي باعوا أنفسهم من أجلها، فباعتهم هي الأخرى فمن تهُنْ عليه نفسه يهُنْ على الآخرين، ومن هانت عليه بلده يكون جزاؤه إما الموت المهين أو الحياة المذلة كتلك التي يعيشونها.

0 التعليقات لموضوع "أسرة عربية باعت بلدها لإسرائيل.. وانتهى بها الحال في مراحيض تل أبيب "


الابتسامات الابتسامات